الأحد، 25 أكتوبر 2009

قوارير العطر وسط القمامة..زهور فى حضن الجبل..شيئ من هذا القبيل


أعرف أن العنوان ليس شاعريا بالمرة لكنه يخطر ببالى دوما..عندما ترى قارورة من أفخم وأغلى أنواع العطور ملقاة باهمال وسط كوم من القمامة والمجارير الطافحة فلابد أن تشعر بالأسف والحسرة وأن تتساءل عن التركيبة النفسية الغريبة التى ألقت بهذا العطر فى هذا المكان.

الموسيقى فن من أجمل وأرقى الفنون..ولعل هذا هو السبب الوحيد الذى يجعلنا نتعامل معها بقدر مخيف من الاستخفاف والامتهان وانعدام الذوق ضمن الخطة الأكبر والأكثر نجاحا فى مصر الرامية إلى تدمير كل شيئ جميل وراق ويحمل لمحة من الذوق الرفيع..المؤسف أن الناس هم من يخططون وينفذون تلك الخطة بحرفية وبراعة شديدتين بدون اتفاق مسبق ودون أن يجتمعوا ليلا فى الأقبية المظلمة يخططون لمحو أى ملمح راق فى مصر على خلفية من الضحكات الشيطانية..لا..هذا السيناريو يتم تنفيذه بمنتهى التلقائية أى أن الهبوط والتردى و – لا مؤاخذة – المسخرة هى ما يجذب الناس فعلا ويستهويهم.

بالطبع لا يحدث ذلك بمعزل عن الاتجاه الجماعى العام نحو التردى فى كل شيئ..لكن أحيانا أشعر بأنه ليس كل شيئ يحدث رغما عن إرادة الناس كما هو شائع..قد اقبل هذا التفسير فى حالة الازمات الاقتصادية أو تدهور التعليم..لكن فى مسألة الأذواق هذه بالذات لا شيئ خارج عن الارادة..لا أحد يسمع أو يشاهد شيئا وهو مجبر عليه..الأذواق تنحط مع سبق الاصرار والترصد لأى شبهة رقى تطول أى عمل..فيلم..أغنية..مقطوعة موسيقية..الموسيقى بالذات لم يعد لها مكان وسط جوقة المنهقين وراقصات الاستربتيز والحمير الذين يغنون للحمير والحناطير.

ما علاقة كل ذلك بالعطور والقمامة؟

هناك من لا يزالون يحملون المشاعل..صحيح أن مساحة الظلام شاسعة وليست هناك نقطة نور تلوح فى نهاية النفق إلا أن بعضهم أخذ على عاتقه حمل مشاعل النور..ولكم هى ثقيلة تلك المشاعل خاصة وأنهم يحملونها ويسبحون ضد التيار فى نفس الوقت وعليهم أن يتفادوا قطرات الطين المتساقط من كل حدب لئلا تنطفئ المشاعل ويذوى أريجها العطر..علينا أن نلتحق بركبهم ونسير فى مواكبهم على هدى الضوء الخارج من مشاعلهم..علينا ان نتتبع أريج عطورهم.

عمر خيرت
عمار الشريعى
ياسر عبد الرحمن
راجح داوود
نصير شمة
وغيرهم

أنتم حملة المشاعل..
أنتم قوارير العطر وسط اكوام القمامة ..

أنتم زهور فى حضن الجبل..

أنتم شيئ من هذا القبيل.

هناك 4 تعليقات:

  1. بالرغم من اصرارك الشديد على معارضتي فى رأيي ده
    الا اني مصمم
    ده مش اسلوب مجرد مدون او حتى صحفي مبتديء
    ده أسلوب يليق بأديب ذا شأن ليس بالهين
    اما بالنسبة لموضوع التدوينة
    فأنا اخر واحد ممكن يقول رأيه فى الموضوع ده
    وخصوصا بعد رأيك
    لكن انا هاقول رأيي فى حاجة تانية
    الفكرة اللى انت اقترحتها للمدونة فى الاول خالص
    انا نفسي تنفذها
    وتضم اسمك للقايمة اللى نهيت بيها التدوينة
    وتشيل مشعل انت كمان
    الاهم بقي من كل ده
    انك ماتحرمناش من طلتك الجميلة تاني
    والى ان نلتقي ايها القريب البعيد
    دمت بكل جمال

    ردحذف
  2. سقراط العزيز..أعرف دقاتك على باب مدونتى جيدا والسبب أن لا أحد يأتى هنا سواك تقريبا..لكن صدقنى أنا أشعر أنك زحام صاخب..ثم أما بعد فإنه ليس أسلوب أديب ولكنها أفاعيل الغيظ فى نفسى تحرق لسانى فأضطر لفتح فمى لتندلق منه الكلمات..

    وأما المشاعل فهى أثقل من أن يتحملها كاهل العجوز..ثم ان الجبال السامقة التى ذكرتها فى التدوينة لم تترك مجالا لأحد

    شرفت مدونتك

    ردحذف
  3. انا معاك تماما ان الاذواق فى الفن نزلت الى اقل دراجاتها
    وعلى الرغم من الاذواق نابعة من الناس وما حدش جابرهم ان اكيد لانخفاض الذوق ده عن زمان له اسبابه بس انا مش عارفاها صراحة

    وفى حاجة تانية
    مادام سقراط قال انك اديب ذو شأن
    لازم تصدق مش تصدق وبس تعمل بيه وتجتهد لحد ما تكون الشأن اللى تتمناه وتستعين بربنا وتسعى وانت ان شاء الله ادها
    وتعرف تشيل المشاعل مع الناس الجامدة اللى هم قوارير العطور والزهور فى وسط الجبل
    ودايما المجال مفتوح للمبدعين المجتهدين

    ردحذف
  4. الحفيدة العزيزة سندريلا..أشكر لك دقاتك الرقيقة على باب العجوز

    والحقيقة أننى غير مقتنع بالتبرير الجاهز دوما لتردى كل شيئ بالظروف الاقتصادية..ما شأن الفقر بأن يستعذب أحدهم صوت حمار ينهق معتبرا ذلك قمة الفن

    وأما سقراط فلا تصدقيه..إنه يتملقنى كى أغض طرفى عن برطمان المربى فى المطبخ والذى ينقص بشكل مريب ثم لا يقدم الفتى لى أى مبرر وانما يبتسم دون أن يفتح فمه..ولكنى له بالمرصاد

    نورتى المدونة

    ردحذف